الغرر: ما هو؟ وكيف يمكن تجنبه؟
تناولت العديد من الدراسات والمقالات مفهوم الغرر في المعاملات المالية الإسلامية، مؤكدة على ضرورة اجتنابه في الاستثمارات والأصول الحلال. يُعرف الغرر عمومًا بأنه الغموض والجهالة المفضية إلى المخاطرة غير المبررة في العقود والمعاملات. ورغم صعوبة وضع تعريف جامع مانع له، إلا أن له مبادئ توجيهية أساسية نسعى لتوضيحها في هذا المقال، مع التركيز على كيفية تعامل منصتي “سيريا كراود” للتمويل الجماعي و”كراودسي” للسوق الثانوي في سوريا لتجنب الوقوع فيه.
تعريفات الغرر في الحديث والقرآن والفقه الإسلامي:
يُشتق الغرر من الكلمة العربية التي تعني الخداع، ويُعرف في المال الإسلامي بأنه عدم اليقين والمخاطرة المفرطة الناتجة عن الغموض والجهالة. وقد نهى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن أنواع من البيوع تتضمن الغرر، مثل “بيع ما في بطون الأنعام حتى تضع” و “بيع العبد وهو آبق”. كما أشارت آيات قرآنية إلى النهي عن أكل أموال الناس بالباطل، وهو ما قد يدخل فيه الغرر.
اتفق معظم الفقهاء على المبادئ الأساسية للغرر، حيث عرفه الحنفية والشافعية بأنه أي معاملة تكون نتائجها غامضة وغير معروفة. وعرفه الحنابلة بأنه “ما لا يمكن تسليمه، سواء كان موجودًا أم لا”، بينما عرفه الظاهرية بأنه معاملة “لا يعرف فيها المشتري ما اشتراه، ولا يعرف البائع ما باعه”.
خصائص الغرر التي تتجنبها “سيريا كراود” و “كراودسي“:
استنادًا إلى هذه المعايير، يمكن تحديد خصائص عامة للغرر تسعى منصتا “سيريا كراود” و “كراودسي” لتجنبها في معاملاتهما:
- عدم اليقين (Uncertainty): تسعى المنصتان لتوفير معلومات واضحة ومفصلة حول الأصول والمشاريع المستثمر فيها، وجودتها ومواصفاتها، لتجنب أي غموض.
- عدم الوضوح (Ambiguity): يتم التأكيد على صياغة شروط العقود والاستثمارات بشكل واضح وشفاف، دون ترك مجال للتفسيرات المختلفة.
- الملكية (Ownership): تلتزم “سيريا كراود” بالتأكد من ملكية الجهة المستفيدة من التمويل للأصول محل الاستثمار أو وجود جدول زمني واضح ومُلزم للتسليم. وبالمثل، تولي “كراودسي” اهتمامًا بوضوح ملكية الأصول المتداولة في السوق الثانوي.
- المخاطر غير المتوازنة (Unbalanced Risk): تشجع المنصتان على نماذج استثمار عادلة تسعى لتقاسم المخاطر بين الأطراف بشكل منطقي، وتجنب تحميل طرف واحد مخاطر مفرطة.
- المضاربة المفرطة (Excessive Speculation): تركز “سيريا كراود” على تمويل مشاريع وأصول ذات قيمة حقيقية، وتجنب الأنشطة التي تنطوي على مضاربة مفرطة أقرب إلى المقامرة. وبالمثل، تسعى “كراودسي” لتنظيم التداول في السوق الثانوي بضوابط تمنع المضاربات المحرمة.
أمثلة على الغرر وكيف تتجنبها المنصتان:
- المشتقات المالية التقليدية (العقود الآجلة والخيارات): تعتبر غالبية المشتقات المالية التقليدية محتوية على قدر كبير من الغرر والمقامرة، وبالتالي لا يتم التعامل بها في “سيريا كراود” أو “كراودسي” بالصيغ التقليدية.
- البيع على المكشوف: ينطوي على بيع ما لا يملك البائع، وهو من صور الغرر المحرم، وبالتالي لا يتم السماح به في المنصتين.
- بيع سلع أو خدمات غير محددة: تحرص “سيريا كراود” على توفير تفاصيل واضحة حول المشاريع والأصول المتاحة للاستثمار، وتلتزم “كراودسي” بمعايير إفصاح تضمن وضوح الأصول المتداولة.
ليس كل أنواع الغرر سواء: الغرر اليسير وتطبيقاته في “سيريا كراود” و “كراودسي”:
يدرك العلماء المعاصرون أن قدرًا يسيرًا من الغرر قد يكون غير مقبول في بعض المعاملات التجارية. لذا، يتم التمييز بين الغرر الفاحش (الكبير والمؤثر) المحرم، و الغرر اليسير (الصغير وغير المؤثر) الذي قد يُتسامح فيه للحاجة أو العرف. تسعى “سيريا كراود” و “كراودسي” لتجنب الغرر الفاحش بشكل كامل، وفي الحالات التي قد يوجد فيها قدر يسير من الغرر غير المؤثر، يتم العمل على تقليله قدر الإمكان وتوضيحه للمستثمرين.
آليات “سيريا كراود” و “كراودسي” لتجنب الغرر:
تعتمد منصتا “سيريا كراود” و “كراودسي” على عدة آليات لتجنب الوقوع في الغرر:
- الوضوح التام في العقود: صياغة عقود استثمار وتمويل واضحة ومفصلة تحدد حقوق وواجبات جميع الأطراف بدقة.
- الشفافية في المعلومات: توفير كافة المعلومات المتعلقة بالمشاريع والأصول والجهات المستفيدة من التمويل بشكل واضح وشفاف للمستثمرين.
- التأكد من الملكية والحيازة: التحقق من ملكية الأصول وجدية المشاريع قبل إتاحتها للتمويل أو التداول.
- تحديد الجداول الزمنية: وضع جداول زمنية واضحة للتسليم والدفع في المعاملات التي تتطلب ذلك.
- الاستشارة الشرعية: تعتزم المنصتان الاستعانة بخبراء في فقه المعاملات المالية الإسلامية لضمان توافق العمليات مع أحكام الشريعة وتجنب الغرر.
الخلاصة:
إن تجنب الغرر هو مبدأ أساسي في التمويل الإسلامي، وتسعى منصتا “سيريا كراود” للتمويل الجماعي و”كراودسي” للسوق الثانوي في سوريا للالتزام بهذا المبدأ في جميع معاملاتهما. من خلال التركيز على الوضوح والشفافية وتوفير المعلومات الدقيقة والتحقق من الملكية وتجنب المضاربات المحرمة، تسعى المنصتان إلى بناء بيئة استثمار وتمويل جماعي حلال وآمنة للمستخدمين في سوريا. إن الالتزام بتجنب الغرر ليس فقط واجبًا شرعيًا، بل هو أيضًا عامل أساسي لبناء الثقة والاستدامة في قطاع التمويل الجماعي الإسلامي الرقمي.
