تتبوأ مرابحة السلع مكانة مرموقة في صدارة أدوات التمويل الإسلامي، مستحوذة على حصة الأسد بلغت 92.7% من حجم التمويل الإسلامي بحلول نهاية عام 2025. وتزداد جاذبية هذا النوع من التمويل لدى الشركات والأفراد على حد سواء، خاصة في مناطق مثل الإمارات العربية المتحدة، لتلبية احتياجاتهم التمويلية المتنوعة.
ما هو تمويل المرابحة؟
في جوهرها، المرابحة هي آلية تمويل إسلامية بديلة للقروض الربوية. يقوم المقترض باللجوء إلى المرابحة لشراء أصل محدد – سواء كان عقارًا، سلعة استهلاكية، أو أصلًا رأسماليًا. يقوم المُقرض (عادةً مؤسسة مالية إسلامية) بشراء هذا الأصل بناءً على طلب المقترض، ثم يبيعه إليه بسعر أعلى متضمنًا هامش ربح متفق عليه وشفاف. يتم سداد هذا الثمن من قبل المقترض على أقساط خلال فترة زمنية محددة.
تكمن ميزة المرابحة للمُقرض في تحقيق الربح من خلال فارق سعر البيع بدلاً من الفائدة المحرمة، مع التأكيد على تحديد هذا الهامش الربحي بوضوح للمقترض في بداية الاتفاقية وعدم جواز تغييره لاحقًا.
نطاق استخدامات قرض المرابحة:
تتميز المرابحة بمرونتها في تمويل طيف واسع من الاحتياجات، بدءًا من السلع الاستهلاكية الأساسية كالمنازل والسيارات والأجهزة الإلكترونية، وصولًا إلى السلع الرأسمالية الضرورية للشركات كالمعدات والآلات. الشرط الأساسي هو أن يكون الأصل المُمول متوافقًا مع أحكام الشريعة الإسلامية، مما يستبعد تمويل الأنشطة المحرمة.
تمويل مرابحة السلع: حل للسيولة النقدية المتوافقة مع الشريعة:
تُعد مرابحة السلع (أو ما يعرف بالتورق المنظم في بعض الأحيان) خطوة متقدمة في مفهوم المرابحة، حيث توفر للمقترض سيولة نقدية بطريقة تتفق مع الشريعة الإسلامية. في هذه الحالة، وبعد إتمام عقد المرابحة الأول بين المُقرض والعميل على أصل معين، يقوم المقترض ببيع هذا الأصل لطرف ثالث للحصول على النقد. غالبًا ما يتم تسهيل عملية البيع هذه من خلال المُقرض نفسه أو وسيط تابع له.
هذا النوع من المرابحة يمنح المقترض مرونة أكبر في الحصول على السيولة دون التقيد بالاحتفاظ بالأصل الأولي، مما يفتح المجال لاستخدام الأموال في تمويل أغراض متنوعة كتعليم، سفر، أو تلبية احتياجات تمويل شخصية وتجارية أخرى.
التعامل مع التأخير في السداد في عقود المرابحة:
في عقود المرابحة التقليدية، قد يضع المُقرضون بنودًا تتعلق بتأخر السداد، لكن الضمان الأساسي للمُقرض يظل هو ملكية الأصل حتى وفاء المقترض بالتزاماته. وعلى عكس البنوك التقليدية التي قد تفرض فوائد متزايدة على المتأخرين، فإن سعر الأصل المتفق عليه في المرابحة لا يتغير في حالة التأخير. وفي بعض المناطق، قد تلجأ البنوك الإسلامية إلى آليات أخرى مثل وضع المتعثرين على قوائم ائتمانية سلبية.
سيريا كراود و كراودسي: آفاق جديدة لمرابحة السلع المتوافقة مع الشريعة في سوريا:
في سوريا، تبرز منصات التمويل الجماعي مثل “سيريا كراود“ كقناة واعدة لتبني نماذج تمويل مبتكرة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية، بما في ذلك مرابحة السلع. يمكن لـ “سيريا كراود” أن تلعب دورًا محوريًا في ربط الأفراد والمؤسسات الباحثة عن تمويل متوافق مع الشريعة مع فرص استثمارية وسيولة مباحة.
بالتكامل مع منصة السوق الثانوي “كراودسي“، يمكن للمستثمرين والمستفيدين من تمويل المرابحة عبر “سيريا كراود” أن يجدوا آليات لإدارة سيولتهم بشكل فعال ومتوافق مع الضوابط الشرعية. يمكن لـ “كراودسي” أن توفر سوقًا منظمة لتداول الحقوق والأصول الناشئة عن عقود المرابحة (وفق الضوابط الشرعية لتداول الديون والأصول)، مما يعزز سيولة هذه الأدوات ويجعلها أكثر جاذبية.
سيريا كراود و كراودسي: نحو مستقبل للتمويل الإسلامي الرقمي في سوريا:
من خلال تبني أدوات تمويل إسلامية راسخة كمرابحة السلع ودمجها مع قوة التمويل الجماعي والأسواق الثانوية الرقمية، تسعى منصتا “سيريا كراود” و “كراودسي” إلى تقديم حلول تمويلية مبتكرة وشرعية تلبي احتياجات الأفراد والشركات في سوريا، وتساهم في تعزيز النمو الاقتصادي المتوافق مع القيم الإسلامية. إن توفير منصات شفافة ومنظمة لمرابحة السلع يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للسيولة النقدية الحلال ويدعم التنمية المستدامة في البلاد.