الباب الثاني لبحوث أكاديمية في الشريعة الإسلامية للأسواق المالية: إجراءات التعامل في الأسواق المالية وأحكامها الفقهية

الفصل الأول

طرق تداول الأوراق المالية

المبحث الأول: طرق تداول الأوراق المالية في البورصة

كان تداول الأسهم – ولا يزال في بعض الأسواق – يتم بطريق الالتقاء المباشر بين السماسرة، حيث يتم تنفيذ الأوامر وإبرام العقود من خلال المزايدة المباشرة. ولكن، مع تطور التكنولوجيا، أصبح التداول في أغلب الدول يتم حاليًا عبر أنظمة إلكترونية متطورة. في هذه الأنظمة، يتم التداول بين الوسطاء من خلال الوحدات الطرفية للحاسب الآلي، سواء كانوا متواجدين في قاعة تداول واحدة، أو في قاعات متفرقة، أو حتى في مواقع متباعدة.

من الجدير بالذكر أن وجود قاعة فعلية أو ردهة مخصصة للتداول لم يعد شرطًا ضروريًا لقيام بورصة منظمة. فقد أتاحت أنظمة المعلومات المتطورة (أنظمة الكمبيوتر) إمكانية الاستعاضة عن هذه القاعات التقليدية.

وبناءً على ذلك، سنتناول في هذا الفصل طرق تداول الأوراق المالية من خلال الفرعين الآتيين:

الفرع الأول: طريقة التداول المباشر

بالنظر إلى أن المملكة العربية السعودية لم تشهد تعاملاً بأسلوب المزايدة المباشرة في تداول الأسهم، ونظرًا لعدم وجود طريقة موحدة لهذا الأسلوب في مختلف الدول التي كانت تعتمده، فسوف نركز في شرحنا على الطريقة التي يتم بها إبرام العقود وتنفيذ أوامر العملاء في بورصة الأوراق المالية في نيويورك، حيث كانت هذه العمليات تتم عبر المراحل التالية:

المرحلة الأولى: الاتصال بالسمسار وإصدار الأمر

يبدأ الأمر عندما يصدر العميل تعليماته إلى شركة السمسرة لشراء أو بيع أسهم معينة. يتم ذلك بعد أن يحصل العميل على معلومات كافية حول تلك الأسهم، سواء من شركة السمسرة نفسها أو من مصادر أخرى. تشمل هذه المعلومات عادةً السعر الحالي للسهم، وأعلى وأدنى سعر تم تسجيله خلال اليوم، وسعر آخر صفقة تم إبرامها. بالإضافة إلى ذلك، يتم تزويد العميل بأعلى سعر يمكن للمتخصص في البورصة أن يشتري به السهم، وأدنى سعر يمكن أن يبيعه به.

بعد حصول شركة السمسرة على هذه التفاصيل، تقوم بتسجيل جميع المعلومات المتعلقة بالأمر على نماذج خاصة. تتضمن هذه المعلومات كافة بيانات الأمر، بالإضافة إلى الرمز المحدد للسهم المطلوب بيعه أو شراؤه.

في الخطوة التالية، تقوم الشركة بإرسال الأمر إلى مقر البورصة عبر النظام الإلكتروني. يتيح هذا النظام لبيوت السمسرة المشتركة فيه إمكانية إبلاغ الأوامر مباشرة إلى المكان المخصص لتداول الأوراق المالية (المشار إليه بـ DOT)، أو إلى المقر المخصص لممثل بيت السمسرة داخل البورصة.

فور وصول الأمر إلى المقر المحدد، يقوم الكاتب المختص بالاتصال بالسمسار الوكيل لإبلاغه بوصول الأمر. يتم ذلك عادةً عبر إشارة معينة تظهر أمام الرقم الخاص بالسمسار على لوحة معدة لهذا الغرض في صالة البورصة. بعد ذلك، يتوجه السمسار الوكيل إلى الكاتب لاستلام الأمر، أو قد يكلف أحد العاملين في البورصة بالقيام بذلك نيابةً عنه. ثم يبدأ السمسار الوكيل – إما بنفسه أو بالاستعانة بسمسار الصالة – في تنفيذ الأمر.

المرحلة الثانية: مرحلة تنفيذ الأمر

يتم تنفيذ الأمر بعدة طرق مختلفة، يمكن توضيحها على النحو التالي:

الطريقة الأولى: التنفيذ لدى المتخصص

في هذه الطريقة، يتوجه السمسار الوكيل إلى المتخصص الذي يتعامل في الأسهم المطلوبة. يقوم السمسار بسؤال المتخصص عن وضع سوق الأسهم المعنية، دون أن يفصح عما إذا كان ينوي البيع أو الشراء. بعد معرفة الأسعار التي يعرضها المتخصص، يقوم السمسار الوكيل بإتمام عملية البيع أو الشراء معه. يتم تسجيل هذه العملية على بطاقات خاصة تكون متاحة للمتعاملين في السوق.

الطريقة الثانية: التنفيذ عن طريق التفاوض مع سمسار آخر

تحدث هذه الطريقة عندما يجد السمسار الوكيل الذي يحمل أمرًا بالشراء – على سبيل المثال – سمسارًا آخر يحمل أمر بيع لنفس الأسهم. يوجد في البورصة مكان مخصص لالتقاء هؤلاء السماسرة للتفاوض والوصول إلى سعر مرضٍ لكلا الطرفين.

عندما يستلم السمسار طلبًا مكتوبًا لتنفيذ صفقة، فإنه يتوجه إلى المركز الذي يتم فيه تداول السهم المطلوب. قد يجد في هذا المركز سماسرة آخرين يرغبون في بيع أو شراء نفس السهم. عندما يقترب السمسار من المركز، فإنه ينظر إلى لوحة أسعار السهم الذي يرغب في شرائه، ليطلع على آخر سعر تمت به صفقة لهذا السهم.

نظرًا لأنه قد يجد بين السماسرة المتواجدين من هم على استعداد لبيع السهم بسعر أقل من آخر سعر تم به التعامل، أو لشرائه بسعر أعلى منه، فإنه يسأل عن سعر هذا السهم دون أن يكشف عن نيته في الشراء أو البيع. عندها، يجيبه أحد السماسرة المتواجدين بذكر سعرين مختلفين، أحدهما أعلى من الآخر. السعر الأدنى يمثل أفضل سعر معروض للشراء، بينما السعر الأعلى يمثل أفضل سعر معروض للبيع. بعد ذلك، تبدأ المفاوضات بين هذا السمسار والسماسرة الآخرين. فإذا كان السمسار يرغب في الشراء، على سبيل المثال، فإنه يعرض سعرًا معينًا على أمل أن يجد من يبيع له به. إذا لم يجد بائعًا بالسعر الذي عرضه، فقد يضطر إلى رفع السعر. وعندما يجد سمسارًا آخر لديه أمر بالبيع عند هذا المستوى من السعر، فإنه يقبل العرض قائلاً بصوت مرتفع ما معناه: “تم البيع”، وبذلك تتم الصفقة بينهما.

يعتمد قرار السمسار الوكيل بالتعامل مع المتخصص أو مع غيره من السماسرة على ما يراه محققًا لمصلحة عميله. فإذا أمكنه الحصول على سعر أفضل من خلال التعامل مع سماسرة وكلاء آخرين، فإنه سيفضل ذلك. وإلا، فسوف يتعامل مع المتخصص.

لتوضيح ذلك، لنفترض أن أحد العملاء أصدر أمرًا إلى السمسار بشراء أسهم شركة معينة، وكان الأمر إما “أمر سوق” أو “أمرًا محددًا”. يمكننا أن نوضح كيف سيختار السمسار بين هاتين الحالتين على النحو التالي:

الحالة الأولى: إذا كان أمر الشراء أمر سوق

إذا أصدر العميل إلى السمسار أمرًا بشراء أسهم تلك الشركة بسعر السوق الحالي، فإن السمسار لديه خياران لتنفيذ هذا الأمر: إما التعامل مع المتخصص، أو التعامل مع سمسرة وكلاء آخرين، وذلك وفقًا للفرضين التاليين:

الفرض الأول: أن يكون الفرق بين سعري البيع والشراء اللذين يعرضهما المتخصص يتيح فرصة للتفاوض مع السماسرة الآخرين على السعر. على سبيل المثال، إذا كان المتخصص يعرض سعر ٦٠ للشراء و ٦٠ وربع للبيع، ففي هذه الحالة، إذا وجد سمسار آخر لديه أمر بيع لعدد مماثل من هذه الأسهم بسعر السوق، فمن الممكن الاتفاق بينهما على سعر وسطي بين هذين السعرين، مثل ٦٠ وثمن. وإلا، فإن السمسار الوكيل سينفذ أمر الشراء مع المتخصص. والسبب في ذلك أنه طالما أن المتخصص مستعد للشراء بسعر ٦٠، فمن غير المتوقع – عادةً – وجود أي شخص مستعد للبيع بسعر أقل من ذلك. وبالمثل، طالما أن المتخصص مستعد للبيع بسعر ٦٠ وربع، فمن غير المتوقع وجود شخص مستعد للشراء بسعر أعلى من ذلك. وهذا يعني أنه لا يوجد مجال للتفاوض إلا في حدود الفرق بين السعرين اللذين يعرضهما المتخصص.

وكلما كان الفرق بين السعرين المعروضين من قبل المتخصص كبيرًا، زادت الفرصة للتفاوض بين أكثر من سمسار. وهذا يسمح بوجود سوق للمزايدة والمناقصة على أسهم تلك الشركة، حيث يتم البيع بسعر واحد أو أكثر يقع ضمن النطاق السعري الذي يحدده المتخصص. يُطلق على هذا النوع من التداول اسم “المزاد الزوجي” (Double Auction)، حيث يشارك فيه كل من البائعين والمشترين في المزاد.

في هذه الحالة، إذا وجد السمسار الوكيل سمسارًا آخر يرغب في بيع تلك الأسهم، فسيتم التفاوض معه. أما إذا لم يجد، فسينفذ السمسار الوكيل الأمر لدى المتخصص ويشتري الأسهم لعميله بالسعر الذي عرضه المتخصص للبيع، وهو ٦٠ وربع للسهم الواحد.

الفرض الثاني: أن يكون الفرق بين السعرين اللذين يعرضهما المتخصص صغيرًا، بحيث لا يتيح فرصة للتفاوض. يحدث ذلك إذا كان الفرق (هامش السعر) لا يزيد عن الوحدة النمطية التي تعلن بها الأسعار عادةً، وهي (ثمن النقطة أو ١٢.٥ سنت أمريكي). مثال على ذلك: أن يكون السعران المعروضان من قبل المتخصص هما ٦٠ للشراء و ٦٠ وثمن للبيع. في هذه الحالة، سيتعامل السمسار الوكيل مع المتخصص مباشرة؛ لأنه لا يمكن أن يجد لعميله سعرًا أفضل من ٦٠ وثمن. السعر الأفضل لعميله هو ٦٠، ولكن لن يجد من يبيعه بهذا السعر؛ لأن أي بائع يستطيع الحصول على هذا السعر من المتخصص. وإذا أراد أي بائع آخر تشجيع المتعاملين معه، فلا بد أن يعرض سعرًا للشراء أعلى من السعر الذي عرضه المتخصص؛ لأن كل بائع يستطيع الحصول على سعر ٦٠ من المتخصص. والسعر الأعلى منه مباشرة هو ٦٠ وربع، وهو السعر الذي أعلن المتخصص استعداده للبيع به. وبالتالي، سيفضل السمسار التعامل مع المتخصص في هذه الحالة.

الحالة الثانية: إذا كان أمر الشراء أمرًا محددًا

أما إذا كان الأمر الذي أصدره العميل أمرًا محددًا بسعر معين، فإن الوضع لا يخرج عن إحدى حالتين:

الأولى: أن يقع السعر المحدد بين سعري البيع والشراء اللذين عرضهما المتخصص. على سبيل المثال، إذا حدد العميل سعر ٦٠ وثمن للشراء، بينما السعران اللذان عرضهما المتخصص هما ٦٠ للشراء و ٦٠ وربع للبيع.

في هذه الحالة، إذا وجد السمسار سمسارًا يحمل أمر بيع لهذه الأسهم، فإنه سيفضل التعامل معه؛ لأن السعر الذي عرضه للشراء (٦٠ وثمن) أفضل من سعر المتخصص (٦٠).

والثانية: أن يكون السعر المحدد للشراء أقل من هذين السعرين. على سبيل المثال، إذا كان السعر المحدد هو ٥٩. في هذه الحالة، لن يحاول السمسار تنفيذ الأمر بالسعر المحدد؛ لأن أي شخص يحمل أمر بيع يمكنه أن يبيع للمتخصص بسعر ٦٠، ولن يقدم على البيع للسمسار الوكيل بالسعر الأقل وهو ٥٩. ولذلك، سيسلم السمسار الأمر إلى المتخصص لإدراجه في سجله ومحاولة تنفيذه في المستقبل، وهذه هي الطريقة الثالثة.

الطريقة الثالثة: توكيل المتخصص في تنفيذ الصفقة

تحدث هذه الطريقة عندما يكون السمسار الموكل بشراء أو بيع أسهم معينة غير قادر على إيجاد بائع أو مشتر لهذه الأسهم في الوقت الحالي، أو إذا كان لديه طلبات أخرى لتنفيذها في مراكز تداول مختلفة. في هذه الحالة، يقوم السمسار بتسليم هذا الطلب إلى المتخصص في هذا النوع من الأسهم؛ لإدراجه في سجله ومحاولة تنفيذه في المستقبل. يتم تنفيذ الأوامر المسجلة في هذا السجل حسب السعر المحدد (الأعلى أولاً ثم الأقل وهكذا). وإذا تساوت الأسعار المحددة، فيتم تنفيذ الأوامر حسب قاعدة “الوارد أولاً الصادر أولاً”.

المرحلة الثالثة: ما بعد تنفيذ الأمر

عند إتمام الصفقة بنجاح، يقوم كلا السمسارين بتسجيل تفاصيلها في سجلاتهما الخاصة. ثم يرسلان إشعارًا إلى مركزيهما الرئيسيين لإبلاغ البائع والمشتري بإتمام الصفقة. بالإضافة إلى ذلك، يقوم موظفو البورصة بتغيير السعر المعروض على اللوحة إلى السعر الجديد الذي تمت به الصفقة الأخيرة. بعد ذلك، يتم تعميم السعر الجديد عبر أجهزة متطورة لتحديث المعلومات في مختلف أنحاء البلاد.

بالتأكيد، إليك الجزء الثاني من النص بعد تنظيفه وتهيئته ليكون مناسبًا لمقالات المدونات، مع حذف أرقام الصفحات:

الفرع الثاني: التداول عن طريق النظام الآلي

يمكن تعريف النظام الآلي لتداول الأسهم بأنه نظام اتصالات متكامل بين أطراف التعامل في الأسواق المالية. يبدأ هذا النظام باستقبال رسائل المتعاملين التي تأتي في صورة أوامر بيع وشراء، ثم يقوم ببث هذه الأوامر كعروض وطلبات متاحة للجميع. بعد ذلك، يقوم النظام بتنفيذ هذه الأوامر بناءً على قواعد أولوية واضحة ومحددة، وينتهي بتسوية الصفقات التي تم تنفيذها.

على الرغم من اختلاف أنواع برامج التداول الآلي المستخدمة في الأسواق المختلفة حول العالم – سواء من حيث التوقيت المسموح به لإدخال الأوامر، أو الحد الأدنى للتغير في السعر، أو كيفية تحديد سعر الافتتاح، وغيرها من التفاصيل – إلا أنها تتفق جميعًا في جوهر النظام وهدفه الأساسي. فالنظام الآلي لتداول الأسهم هو في الأساس نظام لعرض وتنفيذ أوامر البيع والشراء التي يتم إدخالها من قبل الوسطاء أو شركات السمسرة. ويتم تنفيذ هذه الأوامر بشكل آلي تمامًا عندما تتطابق الأسعار المعروضة للشراء مع الأسعار المعروضة للبيع لنفس الورقة المالية، وذلك في إطار مجموعة من القواعد الواضحة والمحددة التي تحكم عملية التداول.

في سوق الأسهم السعودية، على سبيل المثال، يتم التداول حاليًا وفق النظام المعروف باسم نظام “تداول”. هذا النظام عبارة عن مجموعة من برامج التشغيل الإلكترونية المتكاملة التي تتولى معالجة جميع العمليات والإجراءات الخاصة بتنفيذ عمليات التداول، بدءًا من تسجيل الصفقات وتسويتها ومقاصتها، وصولًا إلى العمليات المتعلقة بإدخال ومعالجة أوامر البيع والشراء التي يتم إدخالها عبر الأنظمة الخاصة بشركات الوساطة. يتم تصنيف هذه الأوامر حسب أنواعها وخصائصها وتوقيت إدخالها، ثم يتم تنفيذها وفقًا لأولويات التنفيذ المعتمدة في النظام.

علاوة على ذلك، يتم نقل تفاصيل الصفقات اليومية التي يتم تنفيذها مباشرة إلى الأنظمة الخاصة بالتسويات والمقاصة لدى مركز الإيداع. الهدف من ذلك هو استكمال عمليات نقل ملكية الأوراق المالية بين المحافظ الاستثمارية المختلفة الخاصة بالمستثمرين، وإتمام إجراءات المقاصة المالية بين الوسطاء المشاركين في السوق.

المبحث الثاني: طرق تداول الأوراق المالية خارج البورصة

يُطلق على المعاملات التي تجري خارج نطاق البورصة الرسمية اسم “السوق غير المنظمة”. في هذا النوع من الأسواق، لا يوجد مكان فعلي يلتقي فيه المتعاملون وجهًا لوجه. بدلاً من ذلك، تتم العمليات من خلال شبكة واسعة من الاتصالات التي تشمل الهاتف، والتلكس، والفاكس، والوحدات الطرفية للحاسبات الآلية، والتي تربط بين مختلف المشاركين في السوق.

في هذه السوق غير المنظمة، لا يتم مقابلة العرض والطلب على الأوراق المالية من خلال نظام المزايدة العلنية كما هو الحال في الأسواق المنظمة. بدلاً من ذلك، يتم التوصل إلى اتفاقيات التداول من خلال المفاوضات التي تجري عبر وسائل الاتصال المختلفة المتاحة.

يتكون قوام هذه السوق من التجار المتخصصين، وشركات السمسرة، ومجموعة متنوعة من المستثمرين الآخرين.

أما التجار المتخصصون فهم الكيانات التي تمتلك مخزونًا متنوعًا من الأوراق المالية المختلفة، وتكون على استعداد دائم لعمليات البيع والشراء. في هذا السياق، يقومون بدور مشابه لدور “صناع السوق” المتخصصين في الأسواق المنظمة.

يتعامل كل واحد من هؤلاء التجار عادةً في الأوراق المالية الخاصة بشركة معينة. وقد يصل عدد التجار المتخصصين في الأوراق المالية لشركة واحدة ما بين خمسة عشر إلى عشرين تاجرًا.

هؤلاء التجار يتعاملون فيما بينهم عن طريق البيع والشراء، وهو ما يُعرف باسم “سوق الجملة”. كما يتعاملون أيضًا مع شركات السمسرة، التي غالبًا ما تكون بمثابة الطرف الوسيط بينهم وبين سائر المستثمرين. على الرغم من إمكانية تعاملهم مع المستثمرين مباشرة، إلا أن هذا ليس هو الأسلوب الغالب، بل الشائع هو أن تتم العمليات من خلال شركات السمسرة.

لتوضيح ذلك، إذا رغب أي مستثمر في بيع أو شراء أسهم شركة معينة، على سبيل المثال، فإنه يتصل بشركة السمسرة التي يتعامل معها ويُبدي لها رغبته في البيع أو الشراء. فإذا كان المستثمر يرغب في الشراء، فإن العملية تتم بأحد أسلوبين رئيسيين:

الأول: أن تقوم شركة السمسرة بشراء الأسهم من تاجر الجملة لحسابها الخاص، ثم تعيد بيعها لهذا المستثمر بسعر أعلى قليلاً. في هذه الحالة، تعمل شركة السمسرة كتاجر تجزئة وليس كوسيط.

الثاني: أن تقوم شركة السمسرة بدور الوسيط فقط، حيث تشتري الأسهم من التاجر لصالح المستثمر، وتحصل في مقابل ذلك على عمولة محددة مقابل هذه الوساطة.

كيفية تنفيذ الصفقات في سوق التداول خارج البورصة:

في الأسواق المنظمة، كما أشرنا سابقًا، يتم تنفيذ الصفقات بعد إجراء المطابقة بين أوامر البيع وأوامر الشراء من قبل السماسرة، وذلك بناءً على الأسعار المحددة في طلبات الشراء والبيع. أما في الأسواق غير المنظمة، فليس هناك وسيلة مباشرة أو غير مباشرة تلتقي فيها أوامر الشراء وأوامر البيع بشكل تلقائي. التاجر المتخصص هو المشتري الوحيد من أولئك الراغبين في البيع، وهو البائع الوحيد لأولئك الراغبين في الشراء، سواء باشر العميل عملية البيع أو الشراء بنفسه، أو اختار أحد السماسرة ليكون وكيلًا له في ذلك.

فإذا أراد مستثمر شراء أسهم شركة معينة، على سبيل المثال، فإنه يبدأ بالتعرف على أسعار الصفقات التي تم إبرامها مؤخرًا، والتي تعرض عليه من قبل السماسرة أو التجار. يوجد – خاصة في الدول المتقدمة صناعيًا – شبكة قوية من أطراف الحاسب الآلي التي توفر تحديثًا لحظيًا لأسعار جميع الأوراق المالية المتداولة، مثل شبكة الاتصالات الإلكترونية (NASDAQ) التابعة للاتحاد الوطني لتجار الأوراق المالية في أمريكا.

من خلال وحدة طرفية متصلة بهذه الشبكة، يمكن لشركة السمسرة الحصول على آخر أسعار البيع والشراء لأسهم أكثر من ٤٠٠٠ شركة. في هذه الشبكة، يتم عرض أسعار الصفقات بعد إبرامها بالفعل، وليس مجرد عروض البيع أو الشراء الأولية. بناءً على هذه المعلومات، يبدأ التفاوض بشأن الصفقة مع التاجر الذي يقدم أفضل الأسعار. بعد ذلك، يتم تنفيذ الصفقة بالسعر الذي يتفق عليه الطرفان، سواء كان السعر الذي عرضه السمسار، أو السعر الذي عرضه التاجر، أو سعرًا آخر يقع بينهما.

الفصل الثاني

المضاربة في الأوراق المالية وحكمها الفقهي

المبحث الأول: التعريف بالمضاربة في الأوراق المالية

تُعد كلمة “المضاربة” في الاستعمال المعاصر ترجمة للمصطلح الأجنبي “Speculation”، والذي يعني في الأصل التفكر والتأمل، كما يحمل معنى التخمين والحزر.

انطلاقًا من هذا المعنى اللغوي، بنى بعض الباحثين تعريفهم للمضاربة، حيث عرفها أحدهم بأنها: “تقدير فرص الكسب لانتهازها، واحتمالات الخسارة لاجتنابها”.

وبالمثل، عرفها باحث آخر بقوله: “المقصود بلفظ المضاربة (Speculation) هو التنبؤ، أي أن الإنسان يتنبأ بالفرص المواتية وغير المواتية، وينتهز الأولى ليحقق من ورائها الربح، ويتجنب الثانية حتى لا تحل به الخسارة”.

مع ما في هذين التعريفين من إشارة إلى المعنى الاصطلاحي للمضاربة، والذي يرتبط بعمليات البيع والشراء بهدف تحقيق الربح.

ومن هنا، عُرفت المضاربة في الاصطلاح الاقتصادي المعاصر بتعريفات متقاربة، نذكر منها ما يلي:

عُرفت المضاربة بأنها: “بيع أو شراء، لا لحاجة راهنة، ولكن للاستفادة من فروق الأسعار الناتجة عن تنبؤ في تغيرات قيم الأوراق المالية”.

وفقًا لهذا التعريف، فإن الشخص الذي يشتري أوراقًا مالية، ليس بقصد الاحتفاظ بها واستيفاء أرباحها عند توزيعها، وإنما بهدف بيعها وتحقيق الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع عندما تتحقق توقعاته، يُعتبر مضاربًا.

وبناءً عليه، عُرف المضارب بأنه: “شخص يقوم بمغامرة كبيرة نسبيًا؛ على أمل تحقيق مكاسب، ويكون هدفه الأول زيادة رأس المال، لا الدخل الذي توفره حصص الأرباح”.

ويُجلي هذا المعنى بوضوح التعريف التالي الذي يعرف المضاربة بأنها: “عمليات بيع وشراء، يقوم بها أشخاص لا بقصد استلام أرباح الأسهم أو فوائد السندات، وإنما لجني ربح من الفروق الطبيعية التي تحدث في الأسعار بين وقت وآخر، وتسمى أرباحًا رأسمالية”.

وقد وُصف الفرق في الأسعار بأنه “طبيعي” احترازًا من الفروق المصطنعة التي تنشأ عن الممارسات التي يسلكها بعض المضاربين للتأثير على الأسعار، مثل نشر الإشاعات، وعقد الصفقات الوهمية، وغيرها.

ويرى البعض أن هذا القيد ليس ضروريًا؛ لأن البيع أو الشراء بقصد الحصول على الفروق المصطنعة لا يتنافى مع المضاربة من حيث جوهرها، وإنما يكون حكم المضاربة في هذه الحالة غير مقبول شرعًا، وهو أمر آخر غير بيان حقيقة المصطلح.

وقد ورد هذا القيد في تعريف آخر للمضاربة، مع إضافة قيد آخر، وهو التعريف الذي يعرف المضاربة بأنها: “عملية بيع أو شراء، تتبع بعملية أخرى عكسية، يقوم بها أشخاص، بناءً على معلومات مسببة، مجتهدين في الاستفادة من الفروق الطبيعية لأسعار السلع، سواء كانت أوراقًا مالية، أو بضائع، وذلك في الزمان أو المكان؛ بغرض الربح من جرائها”.

فوصف المعلومات بأنها “مسببة” يشير إلى أن المضاربة المقبولة هي تلك التي تُبنى على معلومات دقيقة، تعطي تصورًا صحيحًا وكاملاً عن الشركة المصدرة للورقة المالية، من حيث متانة مركزها المالي، وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وتمويل استثماراتها، وتحقيق أرباح مناسبة في المستقبل. وبالتالي، يكون التعامل في أسهم هذه الشركة مبنيًا على حسابات دقيقة، وتكون الأسعار الناتجة عن ذلك مبررة من الناحية الاقتصادية.

أما الإقدام على التعامل في أسهم شركة معينة دون أن يكون ذلك مبنيًا على مثل هذه المعلومات، بل يكون الدافع وراءه الحدس أو التخمين المجرد، فإن ذلك يكون أقرب إلى المقامرة منه إلى المضاربة. المقامرة (Gambling) تُعرف في سوق الأسهم بأنها: “بيع الأسهم والسندات أو شرائها بشكل عشوائي، دون تقصي احتمالات الربح والخسارة”.

ومن هنا، عُرف المقامر بأنه: “الذي يقوم بعقد الصفقات اعتمادًا على الحظ، دون أية خبرة أو دراسة، بل بالتخمين والاندفاع، والبورصة في نظره كمائدة القمار”.

والحقيقة أن التفريق بين المضاربة والمقامرة، أو بين المضارب والمقامر ليس واضحًا تمامًا؛ لأنه لا يعتمد على طبيعة عقد البيع أو الشراء الذي يبرمه المضارب أو المقامر، وإنما يستند التشبيه بالمقامر إلى أن المتعامل الذي لا يبني تعامله على دراسة وتحليل يشبه المقامر الذي يقدم على التعامل مع خطر كبير وغرر واضح، أو كما يقول التعريف السابق: اعتمادًا على الحظ.

ومن تعريفات المضاربة أيضًا أنها: “الشراء أو البيع في الحاضر، بأمل الشراء أو البيع في المستقبل عندما تتغير الأسعار”.

وكذلك تعريفها بأنها: “شراء بقصد البيع بسعر أعلى، أو بيع بغرض تعويض ما باعه بسعر أقل”.

بناءً على ذلك، إذا رُوعي في معنى المضاربة العمل الذي يقوم به المضارب، وهو البيع والشراء بقصد الربح، فإن المضاربة – بالاصطلاح المعاصر – تُعد نوعًا من المتاجرة والسعي لطلب الكسب. وهذا المعنى اشتقاقيًا صحيح لغويًا، حيث جاء في لسان العرب أن “ضرب في الأرض يضرب ضربًا، وضربانًا، ومضربًا بالفتح: خرج فيها تاجرًا، أو غازيًا، وقيل: أسرع، وقيل: ذهب فيها، وقيل: سار في ابتغاء الرزق…”.

وقد أقر مجمع اللغة العربية في القاهرة هذا المعنى للمضاربة، وعرفها بقوله: “المضاربة في الاقتصاد: عملية من بيع أو شراء، يقوم بها أشخاص خبيرون بالسوق؛ للانتفاع من فروق الأسعار”.

أما إذا رُوعي في المضاربة معنى الكلمة المترجمة، وهو التخمين أو التنبؤ، فإن الترجمة تكون غير دقيقة، ويكون استعمال المضاربة بهذا المعنى استعمالًا غير صحيح؛ إذ ليس هو من معاني المضاربة في اللغة العربية.

لكن يبدو أنه رُوعي في الترجمة استعمال الكلمة الشائع في الأسواق المالية، وليس معناها اللغوي الدقيق. ولما كانت تُستعمل في بيع وشراء الأسهم وغيرها بقصد تحقيق الربح من فروق الأسعار، لوحظ هذا الاستعمال، فترجمت بما يدل على معنى الضرب في الأرض للتجارة، والله أعلم.

المبحث الثاني: الحكم الفقهي للمضاربة في الأوراق المالية

يرى جمهور العلماء والباحثين المعاصرين جواز المضاربة (المتاجرة) بالأوراق المالية؛ وذلك لعموم قوله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، فقد دلت هذه الآية على إباحة كل بيع إلا ما خُص بدليل، وبيع الأسهم يدخل في هذا العموم؛ لعدم وجود دليل معتبر على المنع منه. وإذا جاز بيعها، جازت المتاجرة بها لعموم الأدلة الدالة على جواز التجارة، مثل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن التجار يُبعثون يوم القيامة فجارًا، إلا من اتقى وبر وصدق»، فيدخل في ذلك التجارة بالأسهم.

وقد مال الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير إلى منع المضاربة بها، مع عدم الجزم بالتحريم، وقد سبق ذكر وجهة نظره ومناقشتها عند الكلام عن حكم تداول الأسهم في الفصل الثاني من الباب الأول.

المضاربة والممارسات غير الأخلاقية:

المضاربة، كما سبق تعريفها، هي التعامل في الأسهم بيعًا وشراءً بغرض الربح من فروق الأسعار عند ارتفاعها أو انخفاضها. والأصل أن يكون هذا التعامل مؤسسًا على أسباب حقيقية تؤثر في سعر السهم، تتعلق بالوضع المالي للشركة المصدرة له، أو مبنيًا على معلومات صادقة عن مستقبل الشركة، أو متجاوبًا مع العرض والطلب غير المصطنع.

غير أن ما يشوب هذا الأصل هو وجود فئة من المتعاملين تمارس سلوكيات غير أخلاقية، وتعمل جاهدة على التأثير في أسعار الأسهم لكي تستفيد من التغير في تلك الأسعار لصالحها، عن طريق عدد من الممارسات التي تقوم على التغرير والخداع، وتُلحق أضرارًا بالغة بالكثير من المتعاملين.

وتتمثل هذه الممارسات في نشر الشائعات الكاذبة، والقيام بإدخال أوامر مضللة، أو عقد صفقات وهمية؛ بهدف تكوين انطباع لدى المتعاملين بأن هناك تداولًا نشطًا على السهم، أو اهتمامًا بشرائه أو بيعه، أو بهدف تكوين سعر مصطنع للطلب أو العرض عليه.

ومن أبرز صور هذه الممارسات ما يأتي:

١- البيع الصوري: مثل أن يقوم المضارب بالبيع على نفسه بكميات كبيرة، من خلال تعدد المحافظ التي باسمه، أو بأسماء أصدقائه، أو أفراد أسرته، ثم يقوم بشرائها بسعر أكبر إذا أريد للسهم الصعود، أو بسعر أقل إذا أريد له النزول. وقد يتم ذلك من قبل مجموعات تتفق فيما بينها على التعامل على هذا الأساس.

٢- العروض الوهمية: ويتم ذلك عادة قبل افتتاح السوق بوقت قليل، حيث يقوم المضارب المتلاعب بتقديم عروض بيع بكميات مختلفة، ليوهم غيره بأن هذه العروض من أشخاص كثر. حتى إذا قام ملاك هذه الأسهم بعرض أسهمهم للبيع بسعر أقل من السعر الذي عرضه المضارب المتلاعب ظنًا منهم بوجود خبر سيئ عن السهم، ولم يتبق إلا دقائق أو ثوان معدودة على افتتاح السوق، قام هذا المتلاعب بإلغاء أوامر العرض، وشراء ما يستطيع من الأسهم المعروضة. وعندما يبدأ السهم بالصعود ويقبل المتعاملون على الشراء، يقوم هو بالبيع عليهم، محققًا مكسبًا ماليًا على حسابهم، يتمثل في فارق السعر.

٣- نشر الشائعات والأكاذيب: والترويج للأخبار، وتسريب معلومات خاطئة عن شركة من الشركات، والترويج لهذه المعلومات والشائعات في وسائل الإعلام المختلفة، ومنتديات الإنترنت، مع القيام بعمليات تداول مصاحبة لهذه الأخبار والشائعات؛ مما يؤثر في سعر أسهم تلك الشركة ارتفاعًا أو انخفاضًا. فمثلاً، قد يقوم أصحاب هذه الشائعات بنشر أخبار سيئة كاذبة عن شركة معينة؛ ليدفعوا صغار المستثمرين إلى بيع أسهمهم في تلك الشركة، مما يؤدي إلى انخفاض أسعارها بسبب كثرة العرض. فيقوم هؤلاء المخادعون بالشراء عندئذٍ، حتى إذا تبينت الأمور، وظهرت الحقائق فيما بعد واتجهت الأسعار إلى الصعود، وبادر الجمهور إلى شراء الأسهم التي باعوها بخسارة، وواصلت الأسعار ارتفاعها، قام هؤلاء المخادعون بتصفية محافظهم، وباعوا ما كانوا قد اشتروه بالأسعار الجديدة المرتفعة، مما قد يدفع بالأسعار إلى النزول مرة أخرى بسبب كثرة العرض، والنتيجة مزيد من الخسائر على صغار المستثمرين.

الحكم الفقهي لعمليات التلاعب:

من العرض السابق لبعض صور التلاعب في السوق المالية، يتبين أنها تقوم على التغرير والغش والخداع، ولا شك في حرمة ذلك من الناحية الشرعية؛ للأسباب الآتية:

١- ما في ذلك من مخالفة صريحة لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة». قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه البخاري ومسلم؛ وذلك أن غش المسلمين وخداعهم يتعارض مع النصيحة لهم.

٢- قوله صلى الله عليه وسلم: «من غش فليس مني».

٣- قوله صلى الله عليه وسلم: «الخديعة في النار» أخرجه البخاري معلقًا مجزومًا به.

الفصل الثالث

الوساطة في الأوراق المالية وحكمها الفقهي

يتولى الوساطة في تداول الأوراق المالية نوعان رئيسان من الوسطاء، وهما: السماسرة وصناع السوق. سنتناول في المبحثين التاليين تعريفًا بكل منهما، وبيان الأحكام الفقهية المتعلقة بهما:

المبحث الأول: التعريف بالسماسرة، والحكم الفقهي للسمسرة في الأوراق المالية

المطلب الأول: التعريف بالسماسرة

السماسرة في اللغة هم جمع لكلمة “سمسار”، وتُطلق على الرجل والمرأة. أما “السمسرة” فهي المصدر.

لفظ “سمسار” هو في الأصل كلمة فارسية معربة، وقد استُخدمت في اللغة العربية لعدة معانٍ، من بينها: المتوسط بين البائع والمشتري، أي الشخص الذي يدخل بينهما لتسهيل إتمام عملية البيع. كما أن “السمسرة” في اللغة تعني البيع والشراء ذاتهما.

أما في اصطلاح المتعاملين في الأسواق المالية، فقد عُرف السمسار بأنه: “الشخص (أو الهيئة) الذي يتخصص في إيجاد الصلة بين الراغبين في شراء الأسهم والسندات – في بورصة الأوراق المالية “سوق رأس المال” – وبين الراغبين في بيعها”.

وعُرف سماسرة البورصة بأنهم: “وكلاء بالعمولة، يقومون بالتوسط لبيع الأسهم والسندات والأوراق المالية الأخرى، في أسواق البورصة، وشرائها”.

يُفهم من هذين التعريفين أن دور السمسار يقتصر على التوسط بين البائع والمشتري، أي الجمع بينهما، دون أن يباشر العقد بنفسه.

لكن يبدو أن هذا المفهوم ليس دقيقًا تمامًا في الواقع العملي؛ إذ من المعروف في جميع الأسواق المالية أن السماسرة هم الذين يبرمون العقود نيابة عن عملائهم، ولا يُسمح للعملاء بدخول قاعات التداول بشكل مباشر. ولهذا السبب، وُصف السماسرة في التعريف الأخير بأنهم وكلاء.

المطلب الثاني: الحكم الفقهي للسمسرة في الأوراق المالية

سنتناول الحكم الفقهي للسمسرة في الأوراق المالية في الفرعين التاليين:

الفرع الأول: حكم السمسرة في البيع والشراء

اتفق الفقهاء من أصحاب المذاهب الأربعة على جواز السمسرة في البيع والشراء، وأخذ الأجر عليها من حيث الأصل، وإن وُجد خلاف بينهم فيها من حيث نوع العقد الذي ترد عليه، كما سيأتي.

وقد نُقل جوازها عن بعض السلف، كما نُقلت كراهتها عن بعضهم. ويُمكن حمل هذه الكراهة على كراهة التنزيه لا التحريم؛ لما قد يشوب السمسرة عادة من الحلف واللغو، والله أعلم.

ومما يدل على جواز السمسرة من حيث الأصل ما يلي:

١- شيوع التعامل بها وانتشاره في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، من غير أن ينهى عنها، مما يدل على جوازها؛ إذ لو كانت غير جائزة لنهى عنها، وأنكر على من يتعامل بها. ومما يدل على انتشارها في عهده صلى الله عليه وسلم ما جاء في حديث ابن أبي غَرَزَة – رضي الله عنه – قال: “كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نُسمى السماسرة، فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة»”.

٢- حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تلقوا الركبان، ولا يبع حاضر لباد». قال: فقلت لابن عباس: ما قوله لا يبيع حاضر لباد؟ قال: لا يكون له سمسارًا.

قال ابن حجر رحمه الله: “مفهومه: أنه يجوز أن يكون سمسارًا في بيع الحاضر للحاضر”.

٣- أن السمسرة عمل مباح، يمكن أن يكون محلًا لعقد الإجارة، أو الجعالة، أو الوكالة بأجر، فكان جائزًا.

وفي هذا المعنى يقول ابن قدامة – رحمه الله – مستدلًا: “ولنا: أنها منفعة مباحة، تجوز النيابة فيها، فجاز الاستئجار عليها، كالبناء”.

إذا عُلم ذلك، فإن التعاقد مع السمسار على السمسرة في البيع أو الشراء، أو فيهما معًا، لا يخرج عن إحدى حالتين:

الحالة الأولى: أن تكون السمسرة مُقدرة بالزمن، وذلك بأن يستأجر الراغب في البيع أو الشراء السمسار مدة معلومة، يبيع له فيها ويشتري، بحيث يستحق الأجر إذا عمل في المدة المحددة، سواء أتم البيع أو الشراء أم لا.

الحالة الثانية: أن تكون السمسرة مُقدرة بالعمل، بحيث لا يستحق السمسار الأجر إلا إذا تم البيع أو الشراء فعلاً.

وإليك بيان الحكم في هاتين الحالتين:

أولاً: حكم السمسرة المُقدرة بالزمن:

نص أصحاب المذاهب الثلاثة: الحنفية والمالكية والحنابلة، على جواز السمسرة في البيع والشراء إذا كانت مُقدرة بمدة معلومة. ولم نطلع للشافعية على نص صريح في ذلك، غير أن ظاهر مذهبهم الجواز، حيث نصوا على جواز الاستئجار على السمسرة في البيع والشراء، من غير تفصيل.

ثانيًا: حكم السمسرة المُقدرة بالعمل:

اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال:

القول الأول: جواز ذلك مطلقًا، أي سواء كان العمل قليلاً أم كثيرًا. وإليه ذهب بعض الحنفية في ظاهر قولهم، وهو المشهور عند المالكية، والظاهر من مذهب الشافعية والحنابلة، حيث لم يفرقوا بين القليل والكثير.

القول الثاني: عدم الجواز. وهو مذهب الحنفية.

القول الثالث: جواز ذلك إذا كان العمل قليلاً، وعدم جوازه إذا كان العمل كثيرًا. وإليه ذهب بعض المالكية، بناءً على أحد القولين لهم في الجعالة؛ إذ السمسرة عندهم من باب الجعل لا من باب الإجارة. وجاء في كلام الإمام مالك – رحمه الله – ما يقتضي هذا القول في البيع دون الشراء، حيث أطلق القول بالجواز في مسألة الشراء، أما في مسألة البيع فقد قال بجواز الجعل في السلع القليلة دون الكثيرة.

الأدلة

أولاً: أدلة القول الأول:

١- حديث ابن أبي غَرَزَة – رضي الله عنه – قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نُسمى السماسرة، فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشر التجار، إن البيع يحضره اللغو والحلف، فشوبوه بالصدقة». حيث دل الحديث على جواز السمسرة، كما سبق بيانه، من غير تفريق بين القليل والكثير، ولا بين أن يكون ذلك مُقدرًا بمدة أو لا. وقد نوقش الاستدلال بهذا الحديث من قبل الحنفية، فقالوا: هو محمول على ما إذا كانت المدة معلومة. ولكن يُجاب عن ذلك بأن هذا الحمل لا دليل عليه، فيبقى الدليل على عمومه؛ حيث لم يُوجد ما يدل على التخصيص.

٢- أن السمسرة في البيع أو الشراء عمل يجوز عقد الإجارة عليه مُقدرًا بالزمن، فجاز مُقدرًا بالعمل، كالخياطة.

ثانيًا: أدلة القول الثاني:

١- جهالة قدر منفعة البيع والشراء، أي أن العمل المعقود عليه – وهو البيع أو الشراء – عمل مجهول؛ لأنه قد يتم بكلمة واحدة، وقد لا يتم إلا بعشر كلمات، ومن شرط صحة الإجارة أن تكون على عمل معلوم، أو إلى أجل معلوم. ويُمكن الجواب عن ذلك من وجهين:

الوجه الأول: أن الجهالة المانعة من صحة العقد وجوازه هي الجهالة المفضية إلى النزاع، ومع التسليم بوجود الجهالة في البيع أو الشراء، إلا أنها ليست جهالة مفضية إلى النزاع في العادة. ثم إن الجهالة هنا يسيرة؛ فإن المتعاملين بذلك يعلمون – بسبب الخبرة وطول المراس – ما يتطلبه تولي البيع والشراء من جهد ووقت في الغالب، والجهالة اليسيرة مغتفرة، كجهالة أساس الحيطان، وباطن الثوب، ونحو ذلك.

الوجه الثاني: أنه يمكن العقد على السمسرة في البيع أو الشراء بعقد الجعالة، وهي من العقود التي شُرعت أساسًا في الأعمال المجهولة التي يتعذر ضبطها، كرد العبد الآبق، والجمل الشارد، والسيارة المفقودة، ونحو ذلك. فإذا لم يصح فيها عقد الإجارة، فإنه يصح فيها عقد الجعالة. على أن هذا الوجه لا يصلح في مواجهة الحنفية؛ لأنهم لا يقولون بجواز الجعالة أصلاً، غير أن العبرة بالصحيح في هذه المسألة، وهو جواز الجعالة، فيبقى لغير الحنفية أن يستفيد من هذا الوجه من الجواب.

٢- عدم القدرة على التسليم؛ وذلك أن البيع أو الشراء لا يتم للسمسار إلا بمساعدة غيره، وهو البائع أو المشتري، أي: أنه غير قادر على إيفاء المنفعة بنفسه، فصار كما لو استأجر رجلاً ليحمل خشبة بنفسه، وهو لا يقدر على حملها بنفسه. ويُجاب عن ذلك بأن قياس البيع أو الشراء على حمل الخشب الكبيرة قياس مع الفارق؛ لأن حمل الخشب الكبيرة متعذر، بخلاف البيع أو الشراء، فإنه لا يكاد ينفك من راغب، ولهذا جازت المضاربة، وهي لا تكون إلا بالبيع والشراء، وما ذاك إلا لإمكان ذلك في العادة. ويُمكن أن يُناقش هذا الجواب بأن القياس على المضاربة – جوابًا عن هذا الدليل – لا يصح على إطلاقه، فإنه وإن صح في العقد على السمسرة على جهة الجعالة، فإنه لا يصح في العقد عليها على جهة الإجارة؛ ذلك أن الإجارة عقد لازم، لا يحتمل فيها مثل هذا الغرر، بخلاف المضاربة والجعالة، فإن كلاً منهما عقد جائز، يتمكن العامل فيهما من الفسخ إذا تبين له عدم إمكان البيع أو الشراء، فاحتمل فيها ذلك، والله أعلم.

ثالثًا: أدلة القول الثالث:

أن من حكم الجعالة أن لا يستحق العامل شيئًا قبل تمام العمل، فإذا كان العمل كثيرًا انشغل السمسار به عن مصالحه، مع أنه قد يبيع أو يشتري بعضًا ويعجز عن الباقي، فلا يستحق شيئًا من العوض، وفي ذلك ضرر وغرر بالنسبة له؛ حيث يذهب عمله باطلاً.

جاء في المدونة: “قلت: لم كره مالك في السلع الكثيرة أن يبيعها الرجل الرجلَ بالجعل؟ فقال: لأن السلع الكثيرة تشغل بائعها عن أن يشتري أو يبيع أو يعمل في غيرها، فإذا كثرت السلع هكذا حتى تشغل الرجل، لم يصلح إلا بإجارة معلومة، قال لي مالك: والثوب والثوبان وما أشبههما من الأشياء التي لا تشغل صاحبها عن أن يعمل في غيرها، فلا بأس بالجعل فيها”.

وقد نُوقش هذا القول من قبل المالكية، القائلين بجواز السمسرة على العمل الكثير والقليل، بوجوه منها:

١- أن ما ورد عن الإمام مالك – رحمه الله – في هذا الشأن ليس راجعًا إلى الكثرة أو القلة، وإنما هو راجع إلى أن السلع إذا كانت كثيرة، فإن ذلك يؤدي إلى انتفاع الجاعل بحفظ السمسار لها قبل أن يتم العمل، ومن شرط الجعالة: أن لا ينتفع الجاعل بعمل العامل قبل تمامه، سواء أكان العمل قليلاً أم كثيرًا. فقوله في المدونة: “إنما جوز مالك الجعل في الشيء اليسير، مثل الثوب والثوبين، وقوله إن الكثير من السلع تصلح فيه الإجارة، ولا يصلح فيه الجعل، والقليل يصلح فيه الجعل والإجارة، إنما يريد بذلك كله في البيع خاصة؛ لأن الكثير من السلع إذا جاعله على بيعها ودفعها إليه، إن بدا له في بيعها، وصرفها إليه، كان الجاعل قد انتفع بحفظه لها مدة كونها بيده، ولو لم يدفعها إليه لجاز الجعل، إذا جعل له في كل ثوب يبيعه منها جعلاً مُسمى، ولزم الجاعل الجعل في بيع جميعها؛ ألا ترى أن الجعل في الشراء على الثياب الكثيرة جائز؛ إذ لا يتولى حفظها، وكلما ابتاع ثوبًا أسلمه إلى الجاعل، ووجب له فيه جعله، ولو شرط الجاعل في الشراء على المجعول له أن يمسك الثياب، وتكون في أمانته وقبضه حتى يتم شراء العدد الذي جاعله عليه لم يجز؛ للعلة التي قدمنا”.

٢- أن ما جاء عن الإمام مالك – رحمه الله – في المنع من الجعل على بيع السلع الكثيرة محمول على أن العرف كان جاريًا على أن السمسار لا يأخذ شيئًا إلا ببيع الجميع، فيترتب على ذلك انتفاع الجاعل ببيع البعض مجانًا، إذا لم يبع العامل الباقي. وما جاء عنه من الإطلاق في جواز الجعل على الشراء، هو محمول على أن العرف كان جاريًا بأنه إذا اشترى شيئًا أخذ بحسابه. وعلى ذلك، فإذا وُجد شرط أو عرف على أنه إذا باع شيئًا كان له بحسابه جاز، كما أنه إذا وُجد شرط أو عرف على أنه لا يأخذ شيئًا إلا بعد شراء الجميع لم يجز، فاستوى البيع والشراء في المنع والجواز.

قالوا: “لا يُقال: الجعالة لا يستحق العامل فيها شيئًا إلا بانتهاء العمل، فالعقد مُقتضٍ للشرط؛ لأنا نقول كثرة السلع بمثابة عقود متعددة، وهو يستحق جعله في كل عقدة بانتهاء عمله فيها، وحينئذٍ فالشرط مُناف لمُقتضى العقد”.

وبهذا يتبين أن سبب الضرر والغرر ليس كثرة السلع، وإنما هو راجع إلى العرف أو الشرط الذي يقضي بعدم استحقاق السمسار الجعل إذا لم يبع جميع السلع. فإذا وُجد شرط أو عرف يقضي باستحقاقه العوض كلما باع شيئًا من السلع، وإن لم يبع جميعها، لم يكن في ذلك ضرر أو غرر بالنسبة له.

وعلى ذلك، فلا يكون لقلة السلع أو كثرتها أثر في الحكم، والله أعلم.

والذي يترجح لي هو القول الأول؛ وذلك لقوة أدلته، وورود المناقشة على أدلة القولين الآخرين، وخصوصًا إذا كان ذلك على جهة الجعالة الجائزة، لا الإجارة اللازمة، والله أعلم.

الفرع الثاني: تكييف السمسرة في بيع وشراء الأوراق المالية

السمسرة في البيع أو الشراء بشكل عام عمل من الأعمال، كالخياطة والطباعة والبناء. وقد جرت عادة الناس أن يُنيبوا عنهم من يقوم بها بدلاً عنهم، إذا كان هناك ما يمنعهم من القيام بها بأنفسهم. يفعلون ذلك إما على جهة الإجارة، وإما على جهة الجعالة، وإما على جهة الوكالة.

وعلى ذلك، فالتعاقد مع السمسار على السمسرة في بيع أو شراء الأوراق المالية بعوض، يمكن أن يكون إجارة، ويمكن أن يكون جعالة، ويمكن أن يكون وكالة بأجر. كما أن السمسار يمكن أن يكون أجيرًا، ويمكن أن يكون عامل جعالة، ويمكن أن يكون وكيلاً بأجر. ولا يصح أن تُحمل السمسرة على أحد هذه العقود بإطلاق، بل لابد من النظر في الصيغة التي يتم بها التعاقد بين الطرفين، للاستدلال بها على نوع العقد، بأن يُصرح المتعاقدان بالإجارة أو الجعالة، أو يذكرا حكم أحد هذه العقود، كأن يجعل أحدهما للآخر الحق في الفسخ متى شاء، أو يكون العرف قد جرى بهذا، فيكون ذلك جعالة.

قال في الشرح الكبير – عن الجعالة -: “إنما تتميز عن الإجارة بما يدل على الجعالة، بأن يُصرح بها، أو يقول: ولك بتمام العمل كذا”.

وقال في الإنصاف: “الجعالة نوع إجارة؛ لوقوع العوض في مقابلة منفعة، وإنما تميز بكون الفاعل لا يلتزم الفعل…”.

الفصل الرابع

أوامر البيع والشراء وأحكامها الفقهية

المبحث الأول: أنواع أوامر البيع والشراء

الأوامر لغةً هي جمع لكلمة “أمر”، وتعني الطلب، وتأتي أيضًا بمعنى الحال.

ويُقصد بالأمر في اصطلاح المتعاملين في الأسواق المالية: الطلب الصادر من شخص أو جهة ما إلى الوسيط؛ ببيع أو شراء أوراق مالية معينة.

تتنوع الأوامر الصادرة من المتعاملين في السوق المالية – سواء أكانت أوامر بيع أم أوامر شراء – وفقًا لاعتبارات متنوعة، إلى الأنواع الآتية:

أولاً: أنواع الأوامر من حيث تحديد السعر، أو عدمه، وطريقة التحديد:

وتتنوع إلى الأنواع الآتية:

١) الأمر محدد السعر: وهو الأمر الذي يحدد فيه الموكل – بائعًا أو مشتريًا – السعر الذي يريد أن يُبرم به السمسار العقد. ويقتضي هذا النوع من الأوامر أن يبادر السمسار إلى تنفيذه عندما يصل إلى السوق أمر مقابل له، مطابق له في السعر أو أفضل منه (أقل في حالة الشراء، وأعلى في حالة البيع). ولا يجوز للسمسار تأجيل تنفيذ الأمر طمعًا في تحسن الأسعار، وإلا كان مسؤولًا إذا ترتب على هذا التأجيل تغير الأسعار في غير صالح الموكل، وفوات فرصة تنفيذ الأمر.

٢) الأمر السوقي: وهو الأمر الذي يطلب فيه الموكل من وكيله السمسار أن يبيع أو يشتري له عددًا معينًا من الأسهم بالسعر السائد في السوق، دون أن يحدد له السعر. ويقتضي هذا النوع من الأوامر أن يجتهد السمسار في تحصيل أفضل الأسعار للموكل، وذلك بأن يبيع بأعلى الأسعار التي يعرضها طالبو الشراء (في حالة أمر البيع)، وأن يشتري بأدنى الأسعار التي يطلبها مريدو البيع (في حالة أمر الشراء). ويجري تنفيذ هذا النوع من الأوامر فور تسلمه من الموكل، وفقًا لأفضل الأسعار السائدة وقت التنفيذ.

٣) الأمر بسعر الفتح أو بسعر الإقفال: وهو الأمر الذي يوكل فيه المتعامل السمسار ببيع أوراق مالية معينة أو شرائها، بسعر الفتح (السعر الذي يبلغه السهم عند افتتاح التعامل في السوق) أو بسعر الإقفال (السعر الذي يتحدد للسهم في آخر جلسة التداول، قبيل إغلاق السوق).

٤) الأمر الموقوف: وهو الأمر الذي يتوقف تنفيذه على بلوغ الأسعار في السوق سعرًا محددًا من قبل الموكل. لا يحق للسمسار تنفيذ الأمر إلا إذا وصلت الأسعار في السوق إلى ذلك السعر المحدد أو تجاوزته. وهو في حقيقته أمر سوقي، لكن تنفيذه معلق على بلوغ السعر المحدد. وعند بلوغ السعر المحدد، يجب على السمسار المبادرة إلى تنفيذ الأمر بأفضل سعر ممكن، حتى لو تغيرت الأسعار بعد ذلك. يُستخدم هذا النوع من الأوامر في الحالات التي يخشى فيها المتعامل من تقلبات الأسعار الكبيرة، إما للحفاظ على ربح متحقق، أو لتقليل خسارة محتملة.

ثانيًا: أنواع الأوامر من حيث توقيت الأمر:

وتتنوع إلى الأنواع الآتية:

١) الأمر المؤقت بمدة معينة: كيوم، أو أسبوع، أو شهر، أو أكثر. يظل الأمر المؤقت ليوم واحد قابلاً للتنفيذ حتى نهاية ذلك اليوم. وإذا لم يتمكن السمسار من تنفيذه خلال ساعات العمل المتبقية، فإنه يبطل بنهاية ذلك اليوم. وينطبق الأمر نفسه على الأوامر المؤقتة بأسبوع أو شهر. أما إذا ورد الأمر مطلقًا من غير تحديد مدة، فيُعتبر أمرًا يوميًا ويبطل بنهاية عمل اليوم الذي صدر فيه إذا لم يُنفذ.

٢) الأمر مفتوح المدة: يظل هذا الأمر قائمًا إلى أن يتم تنفيذه أو إلغاؤه من قبل الموكل. ومع ذلك، تشترط بعض الأسواق تأكيد هذه الأوامر من قبل مصدريها بعد مرور فترة محددة.

ثالثًا: أنواع الأوامر من حيث الشروط المقرونة بالأمر:

وتتنوع إلى الأنواع الآتية:

١) الأمر بالبيع أو الشراء، مع اشتراط تنفيذ الأمر فور تسلمه من الموكل، أو إلغائه إذا لم يتمكن السمسار من ذلك.

٢) الأمر بالبيع أو الشراء، مع اشتراط تنفيذ الأمر بالكامل (بيع أو شراء العدد المنصوص عليه من الأوراق)، أو إلغاء الأمر إذا لم يتمكن السمسار من ذلك.

٣) الأمر بالبيع أو الشراء، مع اشتراط تنفيذ الأمر بالكامل أو جزء منه فور تسلمه، وإلغاء الأمر فيما لم يُنفذ.

رابعًا: الأمر المطلق:

وهو نوع من الأوامر يمنح فيه المتعامل السمسار حرية بيع أو شراء ما يراه مناسبًا من الأوراق المالية، مع تفويضه في اختيار نوع الأوراق، وعددها، وسعرها، والوقت المناسب لتنفيذ الأمر. وقد يفوض إليه تحديد السعر واختيار وقت التنفيذ فقط، أو قد يكون الأمر مقيدًا بمبلغ معين.

المبحث الثاني: الأحكام الفقهية لأوامر البيع والشراء

أولاً: حكم الأمر محدد السعر:

كما ذكرنا عند تعريف الأمر محدد السعر، يلتزم السمسار بالبيع بالثمن المحدد أو بأعلى منه (في حالة البيع)، والشراء بالثمن المحدد أو بأقل منه (في حالة الشراء). وهذا يتفق مع ما هو مقرر شرعًا من وجوب التزام الوكيل بالتعليمات المحددة من قبل الموكل في البيع والشراء. فإذا باع الوكيل بأكثر مما حدده الموكل أو اشترى بأقل، فقد حقق مصلحة الموكل وزيادة، فيكون ذلك جائزًا، ولأنه مأذون فيه عرفًا.

ثانيًا: حكم الأمر السوقي:

الأمر السوقي هو تفويض السمسار بالبيع أو الشراء بسعر السوق دون تحديد سعر معين. وحكم هذا النوع من الأوامر يعتمد على حكم التوكيل بالبيع أو الشراء من غير تسمية الثمن. يرى جمهور العلماء جواز التوكيل بالبيع من غير تسمية الثمن، حيث يُلزم الوكيل بالبيع بثمن المثل. أما في الوكالة بالشراء من غير تقدير الثمن، فالراجح جوازها أيضًا. وبناءً على ذلك، فإن إصدار الأمر السوقي جائز شرعًا لأنه في حقيقته توكيل بالبيع أو الشراء من غير تسمية الثمن للوكيل.

ثالثًا: حكم الأمر بسعر الفتح أو الإقفال:

توجيه السمسار بالبيع أو الشراء بسعر الفتح أو الإقفال هو في حقيقته توكيل بالبيع أو الشراء من غير تقدير الثمن بشكل مباشر، لأن السعر في وقت إصدار الأمر غير معلوم تحديدًا للطرفين. والوكالة هنا مقيدة بسعر محدد وقت التنفيذ. وحيث أن التوكيل بالبيع أو الشراء من غير تقدير الثمن جائز، فإن إصدار هذا النوع من الأوامر يكون جائزًا من باب أولى. ويلتزم السمسار في هذه الحالة بالبيع أو الشراء بالسعر المحدد في الأمر (سعر الفتح أو الإقفال).

رابعًا: حكم الأمر الموقوف:

الأمر الموقوف هو أمر بالبيع أو الشراء بسعر السوق مع تعليق تنفيذه على شرط مستقبلي (بلوغ سعر معين). وهذا في حقيقته وكالة مُنجزة مع تعليق التنفيذ على شرط، وهو أمر جائز شرعًا. ويدل على ذلك عموم قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ وقوله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم». وبما أن الوكالة والأمر السوقي جائزان، فإن الأمر الموقوف يكون جائزًا أيضًا.

خامسًا: حكم الأمر المؤقت:

السمسرة على البيع أو الشراء قد تأخذ حكم الإجارة أو الجعالة أو الوكالة بأجر. وعلى القول بأن الوكالة بأجر تأخذ حكم الوكالة، فلا إشكال في صحة الأمر المؤقت لأنه وكالة محددة المدة، وهي جائزة بالاتفاق. أما إذا أُعتبرت الوكالة بأجر إجارة أو جعالة، فإن حكم الأمر المؤقت يعتمد على حكم الجمع بين المدة والعمل في الإجارة والجعالة، والراجح جواز ذلك لأن العمل هو المقصود بالعقد، وذكر المدة هو بمثابة شرط لإنهاء العمل في وقت محدد.

سادسًا: حكم الأوامر المشروطة:

يجوز إصدار الأوامر المشروطة لأنها في حقيقتها وكالة مقيدة، ويجب على السمسار الالتزام بهذه الشروط لأن هذا هو مقتضى الوكالة المقيدة.

سابعًا: حكم الأمر المطلق:

كما تبين من خلال تعريف الأمر المطلق، فإن المقصود به هو تفويض السمسار في بيع ما يراه مناسبًا من الأوراق المالية التي يملكها العميل، أو شراء ما يراه مناسبًا له من الأوراق المالية، دون تحديد نوعها أو ثمنها. وحكم ذلك يعتمد على حكم التوكيل بالبيع أو الشراء من غير بيان النوع أو تحديد الثمن، حيث أن الأمر يُعد في حقيقته الشرعية نوعًا من التوكيل.

أما التوكيل بالبيع من غير أن يُسمي الموكل لوكيله ما يبيعه – كأن يوكل شخصًا آخر في بيع جميع أمواله أو ما يشاء منها – فهو أمر جائز شرعًا، كما صرح بذلك الشافعية والحنابلة، وهو مقتضى مذهب الحنفية والمالكية القائلين بجواز الوكالة العامة المفوضة.

والعلة في ذلك هي أن الجهالة مغتفرة في باب الوكالة نظرًا للحاجة، فلم يُشترط العلم بالشيء الموكل فيه من جميع الوجوه، بل يكفي العلم به ولو من بعض الوجوه.

أما الوكالة بالشراء من غير أن يُسمي الموكل لوكيله ما يشتريه، أو يسميه ولا يُبين نوعه – كأن يقول: اشتر لي ما شئت، أو اشتر لي ثوبًا بما شئت دون ذكر النوع أو الثمن – ففيه خلاف بين المذاهب. والراجح – والله تعالى أعلم – جواز التوكيل بالشراء مطلقًا، سواء سمى الموكل للوكيل ما يشتريه أو لم يُسمه، بين له نوعه أو لم يُبينه، ذكر له ثمنه أو لم يذكره. فإذا سمى الموكل للوكيل ما يشتريه ولم يذكر نوعه أو ثمنه، فقد فوض الأمر في تحديد ذلك إلى رأيه، وهو كقوله “اشتر لي ما شئت”. وفي كلا الحالتين، يكون الوكيل مقيدًا بالعرف وما يليق بحال الموكل، سواء فيما يتعلق بنوع ما يشتريه أو بمقدار ثمنه. قال ابن قدامة – رحمه الله – مبينًا ما يترتب على القول بالجواز مطلقًا: “فعلى هذا، ليس له أن يشتري إلا بثمن المثل فما دونه، ولا يشتري ما لا يقدر الموكل على ثمنه، ولا ما لا يرى المصلحة له في شرائه”.

وبناءً على ذلك، يكون الأمر المطلق جائزًا، سواء حدد الموكل للسمسار نوع الأوراق التي يبيعها أو يشتريها أم لا، وسواء حدد له مقدار الثمن أم لا، بشرط أن تكون الأوراق مما يجوز التعامل به.

وإذا ذكر الموكل للسمسار مبلغًا معينًا وطلب منه أن يشتري له الأسهم – مثلًا – بمقدار هذا المبلغ، كان ذلك جائزًا، ووجب على السمسار أن يتقيد بذلك؛ لأن هذا شأن الوكالة المقيدة بنص الموكل، والله أعلم.

الفصل الخامس

التسوية والمقاصة ونقل الملكية وأحكامها الفقهية

المبحث الأول: إجراءات التسوية والمقاصة ونقل الملكية

التسوية: يُقصد بها اتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتسليم الأوراق المالية من قبل وسيط البائع، واستلام ثمنها من قبل وسيط المشتري. ويشمل ذلك التأكد من سلامة الأوراق وخلوها من أي قيود تمنع تداولها كالرهن.

المقاصة: هي عملية إسقاط الديون المتبادلة بين الوسطاء الناتجة عن عمليات التداول. ففي الغالب تنشأ علاقات دائن ومدين بين الوسطاء نتيجة لعدم التسديد الفوري للثمن عند إتمام الصفقة. تتم التسوية المالية بين الوسطاء عن طريق مقاصة هذه الديون المتساوية. وفي حال اختلاف قيمة الدينين، تتم المقاصة بقدر الأقل، ويقوم صاحب الدين الأقل بدفع الفرق للطرف الآخر.

نقل الملكية: يعني تحويل ملكية الأسهم من البائع إلى المشتري.

تختلف إجراءات التنفيذ والمدد الزمنية لهذه العمليات بين الأسواق المختلفة. وسنركز هنا على إجراءات التسوية والمقاصة ونقل الملكية في سوق الأسهم السعودي:

إجراءات التسوية والمقاصة ونقل الملكية في السوق السعودي:

شهدت عملية التسوية في السوق السعودي مرحلتين رئيسيتين:

المرحلة الأولى: التداول بالشهادات والإشعارات

في هذه المرحلة، اختلفت إجراءات التسوية ونقل الملكية حسب نوع الوثيقة المثبتة للملكية (شهادة أو إشعار):

  • في حالة شهادات الأسهم: كانت تسوية الصفقة تتم في اليوم التالي للتنفيذ. يقوم وسيط البائع بتسليم الشهادات إلى قسم التسويات في شركة تسجيل الأسهم للتدقيق والتأكد من خلوها من القيود. وفي اليوم الثاني بعد التنفيذ، تُرسل تقارير نقل الملكية إلى الشركات المساهمة لتحديث سجلات المساهمين وإلغاء الشهادات القديمة وإصدار شهادات جديدة للمشترين الذين طلبوها. ثم تقوم شركة التسجيل بتسليم الشهادات الجديدة إلى البنوك لتسليمها للعملاء. أما المشترون الذين اختاروا إشعارات، فكان النظام يطبعها في نفس يوم التسوية وترسل إلكترونيًا للبنك ليقوم بطباعتها وتسليمها للمشتري بعد يومين من البيع. كان الحصول على الشهادات يستغرق وقتًا أطول، خاصة لأسهم الشركات خارج الرياض.

  • في حالة الإشعارات: كانت الصفقة تُسوى إلكترونيًا في مساء يوم العقد. لم يكن وسيط البائع بحاجة لتسليم أي أوراق. كان النظام يرسل معلومات عن الإشعار لشركة تسجيل الأسهم لإلغاء إشعار البائع وإصدار إشعار للمشتري، والذي يُرسل إلكترونيًا للبنك لطباعته وتسليمه للمشتري في صباح اليوم التالي.

قبل المرحلة الثانية، أُلغي التداول بالشهادات وأصبح تحويلها إلى إشعارات إلزاميًا قبل البيع.

المرحلة الثانية: التداول عن طريق حسابات الأسهم

في هذه المرحلة، أُلغي التداول بالشهادات والإشعارات وأصبح على كل مستثمر فتح حساب أسهم لدى أحد البنوك المحلية أو في مركز إيداع الأوراق المالية. ساهم ذلك في تسريع التسوية ونقل الملكية، حيث أصبحت التسوية آلية لجميع الصفقات في يوم التنفيذ، ونقل الملكية يتم آليًا بمجرد مطابقة أوامر البيع والشراء.

أما المقاصة، فتتم في نهاية كل يوم تسوية. تُصدر تقارير التسويات لجميع الصفقات المستوفية لشروط التسوية، وبناءً عليها يُصدر تقرير المقاصة بالمبلغ الإجمالي للصفقات بين البنوك، موضحًا صافي المبالغ المطلوبة أو المستحقة لكل بنك، ويُرسل إلكترونيًا إلى كل بنك.

المبحث الثاني: الحكم الفقهي للتسوية والمقاصة ونقل الملكية

أولاً: حكم التسوية:

التسوية وإجراءاتها تهدف إلى تسليم الأوراق المالية المباعة للمشتري وتسليم ثمنها للبائع. وهذا مطلوب شرعًا بمقتضى عقد البيع الذي يترتب عليه انتقال ملكية المبيع والثمن بين الطرفين. أما الإجراءات المتبعة لتحقيق ذلك فهي تخضع لتقدير الجهات المسؤولة عن الأسواق، مع مراعاة الاحتياطات اللازمة لضمان سلامة الأوراق وحقوق الطرفين، وبما يحقق مصلحة المتعاقدين دون إبطاء أو تأخير.

ثانيًا: حكم المقاصة:

المقاصة هي اقتطاع دين من دين أو إسقاط دين في مقابل دين آخر. وفي سياقنا، تتعلق بالمقاصة بين أثمان الأوراق المالية بين الوسطاء. يجوز إجراء المقاصة في الأثمان سواء كانت الديون من جنس واحد أو من جنسين مختلفين، وسواء كانت حالّة أو مؤجلة أو مختلطة. ففي الديون الحالّة من جنس واحد، لا فائدة من قبض الدين ثم رده. وفي الديون من جنسين مختلفين، تعتبر مصارفة لا محذور فيها لعدم وجود ربا النسيئة أو التفريق قبل القبض. وفي الديون المؤجلة، يكون كل طرف قد رضي بتعجيل ما عليه. وينطبق الأمر نفسه على الدين الحالّ مع الدين المؤجل إذا رضي صاحب الدين المؤجل بتعجيله للمقاصة.

ثالثًا: حكم نقل الملكية:

يُقصد بنقل الملكية تحويل ملكية الأسهم من البائع إلى المشتري. ويتم ذلك إما بتدوين اسم المشتري على شهادة الأسهم، أو بإصدار شهادة جديدة باسمه، أو بإصدار إشعار ملكية، أو بقيد ذلك في حساب الأسهم الخاص بالمستثمر لدى مؤسسات الوساطة.

لا يوجد مانع شرعي من إثبات ملكية الأسهم بأي من هذه الطرق. بل إن ذلك مطلوب شرعًا؛ لأن السهم هو في حقيقته الحصة الشائعة في الشركة، كما سبق بيانه. وما الشهادات والإشعارات والحسابات إلا وسائل لإثبات ملكية المساهم لأسهمه. والوسائل لها أحكام المقاصد. ولما كان الهدف من إثبات الملكية حفظ الحقوق وصيانتها من الضياع وقطع النزاعات، كان ذلك أمرًا مندوبًا إليه شرعًا؛ لعموم الأدلة على مشروعية التوثيق، كقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ﴾.

ولا فرق في ذلك بين أي من هذه الوسائل؛ لأن ملكية السهم شرعًا تثبت للمشتري بلزوم البيع بإجماع أهل العلم، كما نقله النووي عن المتولي وغيره. فقد جاء في المجموع للنووي: “إذا انقضى الخيار، ولزم البيع، حصل الملك في المبيع للمشتري، وفي الثمن للبائع، من غير توقف على القبض، بلا خلاف، ونقل المتولي وغيره فيه إجماع المسلمين”. واستدلوا بحديث ابن عمر: “… كنت أبيع الإبل بالبقيع”.

ووجه الاستدلال – والله أعلم – أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز لابن عمر بيع الدراهم بالدنانير قبل قبضها، مع نهيه عن بيع ما لا يملك، فدل ذلك على أن القبض ليس شرطًا لانتقال الملكية.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن إثبات انتقال الملكية إلى المشتري بأي من هذه الوسائل هو أمر زائد وليس شرطًا في ثبوت الملك، فلا يلزم أن يأخذ صورة معينة، والله أعلم.

إنتقل الى الباب الثالث والأخير